القائمة الرئيسية

الصفحات

جيل المستقبل يبدأ من هنا.. هل تنجح السعودية في رهان استقلال المدارس؟


في خطوة استراتيجية غير مسبوقة، أصدر مدير تعليم منطقة الرياض، الدكتور نايف الزارع، قرارًا يقضي بإلغاء جميع إدارات التعليم في المنطقة، تنفيذًا لتوجهات وطنية تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم السعودي، وفق رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى تمكين المدارس وتعزيز استقلاليتها لبناء جيل قادر على التفاعل مع متطلبات العصر ومهارات المستقبل.

 

ويأتي هذا القرار في إطار خطة شاملة تقودها وزارة التعليم برئاسة معالي الوزير يوسف البنيان، وتهدف إلى إعادة توزيع المهام والصلاحيات بين الجهات التعليمية، بما يُرسخ الدور القيادي للمدرسة ويمنحها القدرة على إدارة شؤونها التربوية والتعليمية بكفاءة واستقلالية.

 

المدرسة محور القرار.. لا مركزية تُنهي البيروقراطية

أكدت وزارة التعليم أن هذا التحول يمثل أحد أهم مكونات مشروع التحول المؤسسي في قطاع التعليم، والذي يركّز على تقليص المركزية الإدارية ومنح المدارس حرية أكبر في اتخاذ قراراتها وتنفيذ مهامها التربوية بشكل مباشر. ويقوم هذا التوجّه على مبدأ تمكين المدرسة لتكون هي النواة الحقيقية للعملية التعليمية.

 

وقد وضعت الوزارة خطة تنفيذية محكمة تتضمن تسلسلاً دقيقًا للإجراءات وآليات التفويض، إلى جانب تحديد واضح لأدوار جميع الأطراف المعنية، ضمن إطار حوكمة يوازن بين الاستقلال الميداني والتنسيق المركزي.

 

إلغاء 31 إدارة تعليم و138 مكتبًا.. و16 إدارة فقط على مستوى المملكة

باشرت إدارات التعليم في مختلف المناطق إجراءات إغلاق الإدارات والمكاتب التعليمية وإنهاء تكليف العاملين فيها، وذلك وفقًا لتفويض رسمي صدر من الوزارة. وبحسب الخطة التنظيمية، سيُلغى ما مجموعه 31 إدارة تعليم و138 مكتب تعليم، على أن يتم الإبقاء على 16 إدارة تعليم عامة فقط تغطي مختلف المناطق الإدارية في المملكة.

 

70 يومًا من التحضير.. و4 مراحل للتطبيق الميداني

وكانت وزارة التعليم قد أنهت المرحلة الأولى من المشروع والتي استمرت 70 يومًا، خُصصت لمراجعة الأنظمة التقنية والإدارية وتحديثها بما يتناسب مع الهيكل الجديد. وبدأت مرحلة التطبيق الفعلي في 1 يناير 2025، عبر خطة تنفيذية تتألف من أربع مراحل تشمل جميع الإدارات والمكاتب التعليمية.

 

وشكّلت الوزارة فرق دعم تربوية تتكون من 300 إلى 330 فريقًا، موزعة على وحدات إشرافية بحيث تتضمن كل وحدة 10 فرق ميدانية، تعمل على تعزيز التواصل المباشر مع المدارس وتقديم الإشراف والدعم من داخل الميدان، مما يُلغي الحاجة إلى الطبقات الإدارية التقليدية.

 

خطط تنفيذية مخصصة.. لكل إدارة حسب احتياجاتها

أُوكل لكل إدارة تعليم مهمة إعداد خطة تنفيذية خاصة بها تأخذ بعين الاعتبار عدد المدارس والمكاتب التابعة لها، مع تحديد دقيق للمهام المطلوبة في كل مرحلة من مراحل التحول، إلى جانب آليات التقييم والمتابعة لضمان الجودة والاحترافية في التنفيذ.

 

المدرسة في قلب المشهد التعليمي الجديد

وضعت الوزارة المدرسة في مركز العملية التعليمية، بوصفها كيانًا متكاملًا يمتلك الموارد البشرية والتقنية اللازمة لإنجاح التعليم، ومُنحت الصلاحيات الكافية للتفاعل مع المجتمع المحلي واتخاذ قرارات تتعلق بالميزانية والاحتياجات التربوية دون الرجوع إلى هيئات عليا أو تسلسل بيروقراطي معقّد.

 

أهداف التحوّل: استقلالية، كفاءة، وعدالة تربوية

يهدف المشروع إلى تحقيق العدالة التعليمية، ورفع مستوى الأداء، وتعزيز جودة المخرجات من خلال منح المدارس أدوات اتخاذ القرار وتحقيق تكامل فعّال مع أولياء الأمور والمجتمع. كما تسعى الوزارة إلى زيادة كفاءة الإنفاق، وتخصيص الميزانيات وفق احتياجات المدارس الواقعية، مما يسهم في تقليل الهدر وتعظيم الفائدة.

 

استثمار في الإنسان وبناء نموذج تعليمي منافس عالميًا

يُجسّد هذا المشروع الطموح التزام الدولة بالاستثمار في الإنسان السعودي، من خلال تمكين المدارس وخلق بيئة تعليمية جاذبة، قادرة على تخريج أجيال تملك مهارات التفكير، والابتكار، والقيادة، في سبيل تحقيق الريادة الإقليمية والدولية في جودة التعليم ومخرجاته.

 

وتطمح وزارة التعليم إلى أن تصبح المدارس السعودية مراكز تميز إداري وتربوي، لا تقتصر على تقديم المناهج فحسب، بل تسهم في تطوير بيئات التعلم، وابتكار أساليب تعليمية حديثة تجعل من التعليم تجربة متكاملة تلبي طموحات الوطن وتحديات المستقبل.

تعليقات

التنقل السريع