القائمة الرئيسية

الصفحات

هل يجوز الجماع بين الزوجين عبر الهاتف؟ الإفتاء تكشف الحكم الشرعي بوضوح


في زمن التكنولوجيا والتواصل السريع، أصبح الهاتف وسيلة أساسية في حياة الناس، بل وصل الأمر إلى أن كثيرًا من الأزواج يستخدمونه للتواصل الحميم في حال البُعد أو السفر، وقد يطرح البعض سؤالًا حساسًا: هل يجوز للزوجين ممارسة الجماع عبر الهاتف أو ما يُعرف بـ"الجماع الصوتي أو التخاطب الجنسي"؟ وما حكم الدين في ذلك؟

 

هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء في عدد من الدول الإسلامية أصدرت توضيحات شرعية في هذا السياق، مؤكدة أن العلاقة الخاصة بين الزوجين يجب أن تبقى في إطار الحلال، ومنضبطة بآداب الإسلام حتى وإن كانت عن بُعد.

أولًا: ما المقصود بالجماع عبر الهاتف؟

هو تبادل الحديث الحميم والمثير بين الزوجين أثناء الاتصال الهاتفي، وقد يصاحبه تعبيرات صوتية أو إيحاءات تؤدي إلى الوصول إلى اللذة أو حتى الإنزال. وغالبًا ما يتم هذا النوع من التواصل أثناء غياب أحد الزوجين لفترة طويلة، سواء للسفر أو العمل أو غيره.

 

ثانيًا: الحكم الشرعي

أجمع العلماء على أن الأصل في العلاقة بين الزوجين الإباحة، طالما أنها لا تتضمن ما حرم الله. لكنهم اختلفوا في التفاصيل بناءً على الآتي:

✔️ إذا اقتصر الأمر على الكلام الحميم بين الزوجين فقط، دون تصوير أو تسجيل أو إشراك طرف ثالث بأي وسيلة:

  • فهو جائز شرعًا ما دام في حدود العلاقة الزوجية، ويحفظ الخصوصية، ويُقصد به تقوية العلاقة والتخفيف من ألم الفُرقة.

  • يُشترط ألا يؤدي إلى محرم، كالكذب أو إضاعة الصلاة أو النظر إلى ما لا يجوز.

أما إذا صاحب ذلك أفعال محرّمة، مثل:

  • التصوير أو التسجيل دون علم الطرف الآخر أو بنية الاستخدام لاحقًا، مما قد يؤدي للفضيحة أو الابتزاز.

  • تخزين هذه المقاطع أو الرسائل، مما يُعرضها للسرقة أو التداول.

  • الوصول إلى العادة السرية أو الإنزال من أحد الطرفين، فقد اختلف العلماء، فبعضهم رأى أنه لا يُناسب أدب العلاقة الزوجية، وإن لم يكن حرامًا صريحًا، إلا أنه من باب ترك ما يُخشى منه الفتنة أو المفسدة.

     

ثالثًا: آراء العلماء

  • قالت دار الإفتاء المصرية إن ما يتم بين الزوجين من أمور حسية عبر الهاتف أو الإنترنت، إذا تم في السر وبما لا يفضي إلى محرم أو كشف العورات أو تسجيلها، فلا حرج فيه شرعًا، لكن الأولى تركه إذا خُشي منه ضرر أو لم يكن مأمون العواقب.

  • أفتى الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين -رحمهما الله- بأن كل ما يتم بين الزوجين في الخلوة جائز، ما لم يخرج إلى العلن أو يتضمن شيئًا محرّمًا كالكشف العلني أو الأذى أو تقليد الكافرين في الفواحش.

     

رابعًا: نصيحة شرعية وأخلاقية

رغم جواز الحديث الحميم بين الزوجين أثناء البعد، إلا أن الأفضل هو حفظ العلاقة الحميمية للقاء المباشر، لما في ذلك من احترام لقدسية العلاقة الزوجية، ومنعًا لأي مفسدة محتملة. كما ينبغي أن يُستخدم الهاتف لتعزيز المشاعر الطيبة، لا لإشباع الشهوة فقط.

 

خلاصة الحكم

  • مباح للزوجين أن يتبادلا الكلام الحميم في الهاتف ما دام ذلك يتم بينهما فقط، ولا يشمل محرمات كالصور أو التسجيل أو العادة السرية.

  • مكروه أو غير مستحب إذا صاحب ذلك إنزال أو تجاوز حدود الأدب الشرعي، ويُستحسن تركه إذا كان هناك وساوس أو مخاوف من عواقب تقنية أو أخلاقية.

     

في النهاية

التقنية يمكن أن تكون وسيلة لبناء المودة، أو سببًا في إضعافها إن استُخدمت في غير محلها. وعلى الزوجين أن يتحليا بالوعي، وأن يتذكرا أن ما يُقال أو يُرسل قد لا يُمحى بسهولة، فليجعلوا علاقتهم دومًا في إطار ما يُرضي الله ويصون الكرامة.

تعليقات

التنقل السريع