تثير مسألة غياب الزوج عن زوجته لفترات طويلة الكثير من الجدل والنقاش في الأوساط الاجتماعية، خصوصًا في ظل ظروف السفر أو العمل التي قد تضطر الرجل للابتعاد عن أسرته. وفي الإسلام، جاء الحكم الشرعي محددًا لهذه المسألة، حفاظًا على الحقوق الزوجية وصونًا للأسرة من التفكك.
المدة الشرعية وفق النصوص الإسلامية
أجمع العلماء، استنادًا إلى ما ورد عن الصحابة الكرام، أن المدة القصوى لغياب الزوج عن زوجته دون عذر قهري، هي أربعة أشهر.
ويستند هذا الرأي إلى ما ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين سمع امرأة تشتكي من غياب زوجها، فسأل ابنته حفصة: "كم تصبر المرأة عن زوجها؟" فأجابته: "أربعة أشهر"، فجعلها حدًا لا يجوز تجاوزه إلا لضرورة.
الحكمة من التحديد
هذا التحديد الشرعي ليس اعتباطيًا، بل جاء مراعاة للطبيعة الإنسانية والحاجة الفطرية للمعاشرة الزوجية، وحمايةً للأسرة من الانهيار العاطفي والنفسي، ومنعًا للوقوع في الفتن.
الاستثناءات المعتبرة
رغم أن الأصل هو عدم تجاوز هذه المدة، إلا أن هناك استثناءات شرعية إذا رضيت الزوجة بغياب زوجها أو دعتها الظروف القهرية لذلك، مثل طلب العلم أو الجهاد أو العمل الضروري، شريطة أن يتم ذلك برضاها وتفاهمهما.
الصدمة للبعض
قد تكون الإجابة صادمة للكثيرين ممن يظنون أن الشرع لم يحدد مدة معينة، لكن الإسلام وضع هذا الحد مراعاة للحقوق والواجبات، ولضمان الاستقرار الأسري. فالحياة الزوجية في منظور الشريعة ليست مجرد عقد، بل ميثاق غليظ قائم على المودة والرحمة والوفاء بالحقوق.
خلاصة
إذن، المدة الشرعية لغياب الزوج عن زوجته هي أربعة أشهر كحد أقصى، إلا إذا رضيت الزوجة بغير ذلك، أو كان هناك عذر مشروع، مع التأكيد على أن التواصل والاهتمام بالأسرة واجب مستمر مهما بعدت المسافات.
تعليقات
إرسال تعليق