تُثار بين الحين والآخر تساؤلات حساسة تتعلق بالحياة الزوجية، خصوصًا فيما يخص ما قد يخطر في ذهن أحد الزوجين أثناء العلاقة الخاصة. ومن أبرز هذه التساؤلات: هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته وهو يتخيل امرأة أخرى؟
هذا السؤال يمس جانبًا دقيقًا من العلاقة الزوجية، لما تحمله مثل هذه التصرفات من أبعاد شرعية وأخلاقية ونفسية قد تؤثر بشكل مباشر في صفاء الحياة بين الزوجين.
الرأي الشرعي في المسألة
أجمع العلماء على أن هذا الفعل محرم، لأنه وإن لم يجامع الرجل إلا زوجته، إلا أنه أدخل صورة محرمة في ذهنه وتلذذ بها، مما يجعله شبيهًا بالفعل الحرام.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله:
"يتعين على الرجل أن يحفظ نفسه من هذه الخصلة القبيحة التي عمت بها البلوى، وهي أن ينظر إلى امرأة أعجبته، فإذا أتى أهله جعل تلك الصورة نصب عينيه، وهذا نوع من الزنا. وما ذُكر لا يختص بالرجال فقط، بل يدخل فيه النساء أيضًا، بل هو في حقهن أشد."
المدخل (2/194-195)
كما قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله:
"لو استحضر الرجل عند جماع زوجته صورة أجنبية محرمة، فإنه يأثم."
الفروع (3/51)
وأكد ولي الدين العراقي رحمه الله:
"إذا جامع الرجل أهله وفي ذهنه صورة محرمة يتخيل أنه يجامعها، حرم عليه ذلك، لأنه تشبّه بالحرام."
طرح التثريب (2/19)
البُعد الأخلاقي والنفسي
إلى جانب التحريم الشرعي، فإن هذا السلوك ينعكس سلبًا على صفاء العلاقة الزوجية، إذ يقوم على الخيانة الفكرية والعاطفية. فالزوجة أو الزوج بحاجة إلى مشاعر صادقة خالصة، وليس مجرد حضور جسدي يقابله غياب نفسي أو تخيلات محرمة.
الخلاصة
من يتخيل امرأة أخرى أثناء معاشرته لزوجته يقع في محرم عظيم، لأن ذلك نوع من الزنا القلبي وتشبه بأهل الحرام، كما أن فيه ظلمًا لشريك الحياة ومساسًا بقدسية العلاقة الزوجية.
وعلى المسلم أن يغض بصره ويحفظ قلبه من التعلق بما لا يحل له، وأن يسعى لصفاء قلبه ونقاء عاطفته تجاه زوجه، ليعيش حياة أسرية تقوم على المودة والرحمة بعيدًا عن الأوهام والخيالات المحرمة.
تعليقات
إرسال تعليق